رواية نصف عزاء (ثلاث صفحات)

مددتُ يدي لألتقط ظلي الأجوف و بالأخرى اتحسس انفي الذي يكاد ان يكون عمودياً لولا غيابك الدائم ...
وجهي بارد كعجوز سبعينية تنتظر حتفها , فبعد توقيعي لروايتي سنابل الغياب و مجموعتي القصصية النار لا تأكل الاحلام
الهاتف اصبح كثير الازعاج , فالكل يسأل عن زينب و من ات بك الى حفرة الروايات و كيف استطعت القيام مجدداً؟
هل كانت زينب العمر مجرد خيال ام انها كانت احدى رفيقاتك كما اسلفت في  النار لا تأكل الاحلام؟
ماذا اخذتي من حياة روايتك بل هل روايتك ما زالت دين مستحق ام لم تخضع لقانون الأوراق العاطفية ؟
و هل القراءات التي قُرأت في روايتك كانت ضمن أولوياتك ام انك ضربت بها عرض الحائط؟
اصبحت لا اجيب على احد , فزينب  هي زينب لا علاقة لها بحياتي او ديوني العاطفية
انا ابنة نفسي و ديني لنفسي لا للحياة , سأنفض كلي و انهض اتابع حياتي ,سأكسر كعب الصمت في داخلي و اجلس اتحسس ريحك ...
فلو اني يعقوب و انتَ يوسف فقط ليطمئن قلبي ,حينها سأكتب عنك كثيراً و أحدث عنك الشوارع , منازلنا القديمة , شجرة النيم , صوت البابور ,تعرج الماء ,جارتنا الثرثارة ,ابريق الشاي و العالم كله ...
و لكنك تغيب كثيراً و كأنك نسيت ان تنتعل احذية الحضور , قلبي معلق في هذا الفضاء و نجمك كثير الضباب ...
لو انِّي استطيع ان افك عقدة لساني و اخبرك بوجعي اذا ما تغيب , بأنيني , فانا لا املك الصبر على فتح ازرار قميصي و ماذا عني فيك ؟
سأحزم أمتعتي و اكون عندك , لا الحدود تبعدك و لا الشروط ...
لا اريد ان تُبعدني عنك الجدود , فكلانا لا يخضع لالسلطة
سأعيد ترتيب حياتي و انتَ أول أشيائي ....
جرس الهاتف يقطع ترتيب حياتي و كأنكَ كنتَ تترصد اسلاك هاتفي او تمشي عليها فجئت مع الزمان لأول مرة
-احبك , انتظرك تحت لا تتأخري يا ام ياسمين
ابتسم حتى خُيلّ لي ان منزلي اصبح حديقة ياسمين , ربطت ثوبي الليلكي و رششت اللهفة عطرا و اخذت ابنتي متدرجة على سلم أحبك
يأخذ مني ياسمين ويقبلني من على جبيني و انسى انِّي تجاوزت العشرين و امضي في ليالي العمر ...

*و بعد رحيلك القسري أتدري جفّ منزلنا , انطفئت النيران فيه و جفت عناقيد العنب و تلك الطيور هجرتنا من بعدك و كأنما برحيلك أخذت الحياة
يوم ان أدرتَ مقبض الباب ورحلت ,أخذت كلي معك و تركتني جثة على اركان الوطن , لا الرصيف يقتلها و لا البرد كذلك
لا حياتي , فقد أخذت معك مقبض روحي
صوت صك الباب كما صوت العسكر في غزة اذا ما يقتحمونة تلك البيوت المعتقة بالقدس...
كنت متأكدة بأنك لن تحافظ عليّ, كنت متأكدة من تسلطك وجبروتك؛ فطلبتُ الضمان والأمان لأنِّي على ثقة بأنك ستكسرني يوما, هذه الثقة ات بها الزمن فألقاها في قلبي, و كأنه رباط الهي كما رباط ام موسى ,اثق تماما بك الى ان انكسرت ساعتي الرملية وها انا منكسرة ومهشمة كأرصفة سوريا ومقطعة كمجزرة هذا العالم
ان توعدني بالبقاء هذا لا يكفي لكي اكون الثانية في حياتك
ان تأتينِ بعد الشتاء هذا لا يكفي لكي اشفع لك
كنت في البدا اشفق على نفسي التي تنتظرك والان اشفق عليك
كنت اضحك عليهن وفيات الانتظار والان ابكي انتظارهن جمرا
الخريف في السودان لم يكن طبيعيا كان متذبذبا كـأنت, ابغضوه القرويين جدا لأنه يعيق حركتهم الزراعية امَ سكان المدن أحبواْ هذه القلة جداً, الّا انا لم احب قلتك في الحضور, كنت اريدك دائما معي كسبحتي او كسلسالي, فقط بأي طريقة أريدك
اطالب ببقائك معِي خريفا اخر بل كل المواسم وأفرد لك جناحيَّ, طِر معي ولا تتوجس فجناحي لا يهويان طالما انتَ معِي.....
كن لي او اكن لك ليلاً اخر, فجراً, نهاراً؛ كن لي شيئا لا يعرفونه البشر، شيئا لم يكتشفه علماء الجلوجيا .
* وفي نهاية صيف غابر وبشائر خريفٍ, بدأت قصتي معك في وقتٍ اصبحت فيه (لا) بمعنى ان تبقَ معي, كن جلدي, شيئا في صوتي وان يخرج صوتكَ متجرداً منك ليسكن شخص اخر ... اعلم انكَ في ذروة الحب والكره, الضعف والقوة, الانهيار والتمسك, الانكسار والوقوف, الضياع والاحتواء, الوطن والمهجر, حبيبتك والعادات, حبيبك وقبيلته؛ فتصبح الطرق هي التي تقودك نحو اسفل السافلين تارة وتارة عليين
لذا كنتَ تشبهني يومها وكأنَّك تُقاسمني الحياة وأُقاسمك الموت, كتغريبة لروضة الحاج أحرقتني وأنـا قيد الانتظار لأشياء لن ولم تحدث وكأنها تعقد قرآنها على معاكستي, قيد الرماد, قيد لأنفاس غريبٍ تركنِي والمطر ومـا عاد ومـا أحتضر...
اختصرُ فيك أحلام وأكسر معك عادات وأعراف وأغيب معك 

تعليقات

المشاركات الشائعة